المرحلة الأخيرة من مراحل تكوين العادات، طبقاً لما جاء بكتاب العادات الذرية للكاتب الأمريكي جيمس كلير، وطبقاً لهذه السلسلة لتلخيص الكتاب، التي أطلقنا عليها سر التحفيز والانتاجية من منظور كتاب العادات الذرية.
سر التحفيز والانتاجية من منظور كتاب العادات الذرية
الجزء الخامس
يمكنك مراجعة الجزء السابق من هنا: سر التحفيز والانتاجية من منظور كتاب العادات الذرية - الجزء الرابع
المكافئة: المرحلة الرابعة من مراحل تكوين العادات الذرية
المكافئة هي ثمرة نتاج كل عادة نبنيها، وهي آخر مراحل تكوين العادات، كما بين ذلك جيمس كلير في كتاب العادات الذرية، فإن لم تكن نتيجة التجربة رائعة فلن يكون هناك أسباب تدعونا لتكرارها.
معضلة المكافئة أنها تكون فورية مع العادات السيئة ومؤجلة مع العادات الجيدة، فالانحياز إلى الاشباع الفوري هو ما يخلق المشكلة، فنحن نمارس العادات السيئة ولا نولي تبعاتها اهتماماً تحت سكرة لذة المكافئة الفورية لها، بينما نتجنب ملل بناء العادات الجيدة الحالي لأن مكافئتها مؤجلة.
فربما يقتلك التدخين بعد عشر سنوات ولكنه يشبع توقك للنيكوتين ويقلل عندك التوتر الآن، ويفرط أحدنا في تناول الأكلات المشبعة بالدهون رغم معرفته بأن ذلك يزيد من خطر اصابته بالسمنة، إلا أنه ممتع في الوقت الحالي.
بمعنى آخر انك تدفع تكلفة عاداتك الحسنة في الحاضر، وتدفع تكلفة عاداتك السيئة في المستقبل.
المكافئة: كيف نجعلها مشبعة لتكوين عادة جيدة؟
إن مراحل تكوين العادات الجيدة وتغيير السلوك الثلاث الأولى - اجعلها واضحة، اجعلها جذابة، اجعلها سهلة - تزيد من احتمال حدوث السلوك هذه المرة، بينما المرحلة الرابعة اجعلها مشبعة فستزيد من احتمال تكرار السلوك في المرة القادمة.
في العالم المثالي تكون مكافئة العادة الحسنة هي العادة نفسها، وأنت عندما تجعل العادة الحسنة جزء من هويتك ستشعر بشعور طيب تجاه اتمامك لها، يكون في حد ذاته هو مكافئتك عنها بخلاف ما ستجنيه في نهاية ترسيخها من مكافئة مؤجلة.
عندما تؤمن بضرورة تبنى عادات جيدة، ستصير ممارسة العادة هي نفسها المكافئة عليها، ولكن غالباً يصبح الصبر على ممارسة العادة يومياً أمراً يحتاج إلى تحفيز، ببساطة فإن المكافئة بعد كل تمرين هي الوقود الذي يساعدك على الاستمرار ومعاودة التكرار.
ولكي تعين نفسك على الصبر على بناء العادات الجيدة عليك أن تضيف قليلاً من المتعة الفورية لحين وصولك إلى جني ثمار النتائج النهائية على المدى البعيد، يمكنك أن تختار أحد المكافئات قصيرة المدى عندما تنتهي من عادة جيدة.
فمثلاً إذا امتنعت عن تصفح الفيس بوك لمدة أسبوع قم بشراء هدية لنفسك، أو اذا امتنعت عن التدخين قم بادخار مبلغ من المال يساوي ثمن ما تنفقه على التدخين لشراء التليفون المحمول الذي تحلم به .. وهكذا لكي تجعل العادة تدوم قم بمكافئة نفسك ولو بصورة بسيطة حتى تشعر بالنجاح.
المكافئة: كيف نجعلها غير مشبعة للتخلص من عادة سيئة؟
كما قلنا حتى نجعل المكافئة مشبعة علينا أن نضيف بعضاً من المتعة الفورية لعاداتك الجيدة، فكذلك حتى نقلص من عاداتنا السيئة علينا أن نضيف إليها بعضاً من الألم الفوري، لكي نبرمج عقولنا على النفور من عاداتنا السيئة علينا أن نربطها بالألم.
تعامل مع نفسك بطريقة الجزرة والعصا، إنها أيضاً أفضل طريقة لتأديب طفلك، مكافئة طفلك على فعل جيد يعد تشجيعاً له فيقوم بتكراره، واستمرارك لمكافئته يعزز عنده هذا الفعل ويصير عادة راسخة عنده.
وكذلك حرمان الطفل على فعل سيء يربط عنده هذا الفعل بالألم، ومع ثباتك على تنفيذ العقوبة والحرمان يقوم الطفل بتقويم عاداته واعادة النظر فيها وفي عواقبها.
ذكرت لك قصة صديقي الذي يقوم بتغريم نفسه كلما أضاع صلاة الفجر، ما يجعل لديه الاحساس بالكسل عن الصلاة مقروناً بالعقاب، فينفض الكسل ويهرع إلى الصلاة.
ماذا يحدث عندما تنقطع سلسلة عاداتك؟
لا وجود للكمال في حياتنا، فربما تصاب بعارض يعرض عاداتك للانقطاع، فالقاعدة هنا التي وضعها جيمس كلير في كتاب العادات الذرية هي: إياك والانقطاع مرتين.
لا تتوقف عن ممارسة العادة التي تبنيها لمدة يومين متتاليين، ربما تتوقف عن التمارين الرياضية ليوم، ولكن لا تجعلها يومين، قم في اليوم التالي ولو باليسير من تمرينك الرياضي، يقول جيمس كلير أن الانقطاع ليومين متتاليين يعد بداية لعادة جديدة، فاحذر.
كل منا معرض لاخفاقات وفشل ولحظات من الاحباط أو الكسل، فلا يوجد شخص مثالي طوال الوقت، ولكن الفرق بين الناجحين والفاشلين أن الناجحين إذا تعثروا فإنهم يستأنفوا العمل بشكل سريع، ولا يهم كم مرة كسرت عاداتك طالما أنك تتعافى منها سريعاً.
من الأهمية بمكان ألا تقع في دائرة "كل شيء أو لا شيء" بل سر بمبدأ "ما لا يدرك كل يترك جله"، ليست المشكلة في الزلل، بل المشكلة في أن نظن أن ما نعجز عن ممارسته بشكل مثالي فينبعي ألا نقوم به من الأساس، فهذا من وسوسة ابليس ليرديك كما كنت في مستنقع التخلف.
لا تقل التمرينات وقت الاخفاقات أهمية عنها في الأوقات الجيدة، لأنها تحافظ على المكاسب المتراكمة المتحققة في الأيام السابقة الجيدة. فلا تقنع بالرقم صفر، ولا تدع خسائرك تلتهم مكاسبك المتراكمة.
لا تدع الشيطان يقنعك بالركون والاستسلام تحت وهم أنك فاشل مهما فعلت، ولا داعي لدخولك في معترك لست أهلاً له، هذه كلها من دعوات الشيطان فكن فطن ولا ترضى بالتراجع ولا تقنع بالخسارة، أنت لها يا بطل، أنت تستحق عاداتك الجيدة، العادات الحسنة، العادات الذرية.
تعليقات
إرسال تعليق