أحييك كونك وصلت معي إلى الجزء الأخير من تلخيص كتاب العادات الذرية، أما إن كان وجودك هنا هو أول زيارة لسلسلة مقالات تلخيص كتاب العادات الذرية، فأنصحك وبشدة أن تبدأ سر التحفيز والانتاجية من أول مقال بدأناه وإلا فاتك الكثير من المتعة والإفادة.
سر التحفيز والانتاجية من منظور كتاب العادات الذرية
الجزء الأخير
إليك روابط سلسلة تلخيص كتاب العادات الذرية للكاتب جيمس كلير:
تلخيص كتاب العادات الذرية » رابط الجزء الأول
تلخيص كتاب العادات الذرية » رابط الجزء الثاني
تلخيص كتاب العادات الذرية » رابط الجزء الثالث
تلخيص كتاب العادات الذرية » رابط الجزء الرابع
تلخيص كتاب العادات الذرية > رابط الجزء الخامس
الموهبة وبناء العادات
يقول جيمس كلير في كتاب العادات الذرية: إن السر وراء تعظيم احتمالات نجاحك هو اختيار مجال المنافسة المناسب لك. وهذا الكلام ينطبق أيضاً على العادات كما ينطبق على التفوق في مجالات الرياضة أو العمل أو التخصصات المختلفة.
فالعادات يسهل تأديتها وتحسينها حين تكون متوافقة مع ميولك واهتماماتك وأيضاً قدراتك الطبيعية، ترى مثلاً أن أكثر لاعبي كرة السلة المتفوقين هم الأطول قامة، التفوق في لعبة كرة السلة يتطلب قامة طويلة لاحراز الأهداف واتقان المناورة.
وكل منا له جينات مختلفة ويولد بقدرات مختلفة، فإن واتت الظروف ما يناسب الشخص سيكون هو الأقرب لتحقيق النجاح في ميدان ما، فيما يكون غيره أقرب إلى تحقيقه في ميدان آخر.
ليس فقط يكون التباين في السمات الجسدية، ولكن أيضاً يكون في اختلاف السمات العقلية، من هنا تعددت أنواع الذكاءات، ما يعني أن الذكاء ليس حكراً على شخص دون شخص، بل ربما تكون لديك ذكاء اجتماعي في حين يبرز ذكائي أنا في ناحية الرياضيات.
نعم الجينات لا تحدد مصيرك بكل تأكيد ولكنها بشكل ما تحدد نطاقات الفرص الأقرب إليك، لأن جيناتنا الوراثية تؤثر بشكل كامل على جميع سماتنا الشخصية، بداية من مواقفك الحياتية وردات فعلك تجاهها مروراً بشأن قراراتك الحياتية ذهاباً إلى أبعد من مدى اقبالك أو احجامك عن ادمان المخدرات وارتكاب الجرائم وتمردك على السلطة. كما ذهب عالم الوراثة السلوكي روبرت بلومين.
من هنا ليس عليك بناء العادات التي يقول الجميع أن عليك بناءها، ولكن اختر العادة الأنسب لك ولتفضيلاتك، اعثر على نسختك الانسب من أي عادة تريد تبنيها، فالعادات يجب أن تكون ممتعة لتلتزم بها كما شرحنا سابقاً.
كيف تختار عاداتك وتتميز عن أقرانك؟
كما قلنا أن المجال الذي غالباً ما ستبرز به، هو ذلك المجال الأقرب إلى ميولك والأنسب إلى طبيعة شخصيتك والأقرب إلى جيناتك الوراثية، ولكن يبقى معرفة ميولك واستكشاف طبيعة ما يميزك معضلة تؤرق كثيرين، بينما تبقى مهمة البحث عن ذاتك أو البحث عن شغفك (ضع رابط الأمنيات) أقرب لفكرة المحاولة والخطأ.
عليك أن تتبنى عادة المحاولة والخطأ حتى في اختيار عاداتك وبناء مستقبلك، والقول بأن الحياة قصيرة وأن الوقت أضيق من أن نجرب فيه كل التخصصات، ونستكشف فيه مختلف الميادين، فهذا ما يمكن أن نعالجه بقانون 80/20، بحيث تقضي 80٪ من وقتك في وظيفتك الرسمية، بينما تواصل الاستكشاف في 20٪ المتبقية من وقتك.
ومن البديهي أن تتبنى العادات الأسهل حتى تضمن الاستمرارية، ولا يمكن تحديد ما هو الأسهل بالنسبة لك إلا من خلالك، لأن العادة السهلة عندك قد تكون صعبة بالنسبة لي، هذه هي الفروقات الفردية التي تميز كل فرد عن غيره، وهنا تتميز عني في باب غير الذي أتميز أنا فيه عنك.
من خلال بناء العادات "السهلة" والتميز فيها يؤول بك الاستمرار إلى النجاح حتى وإن لم تكن الأفضل فستكون مختلف، والإختلاف يقلل مستوى التنافس ويسهل عليك الظهور بين مجتمعك، ولذلك يعد التخصص واتقان مهارة معينة من اختيارك أنت طريقة فاعلة لتسخير جيناتك "الجامدة" من حيث هي جامدة وحسن توظيفها.
ولكن انتبه إن معرفة جيناتك لا تغنيك عن العمل الجاد، بل هي توضح لك أي طريق تسلك وحسب، وبمجرد أن ندرك نقاط قوتنا سنوجه إليها طاقتنا، فنحن نعرف أي أنواع الفرص يمكننا استثمارها، وأي التحديات يمكننا تجنبها، وكلما فهمنا طبيعتنا بشكل أفضل، صارت استراتيجيتنا أنجح.
علاوة عليه، فليس في وسع جيناتك أن تجعلك ناجحاً ما لم تبذل الجهد المطلوب، وإن لم تعمل بجد مثل أولائك الذين تعجب بهم، فإياك أن تفسر نجاحهم بأنه ضربة حظ.
التهديد الأكبر للنجاح ليس الفشل!!
هل تعرف الفرق بين الناجحين وبين هؤلاء الذين لا يحققون نجاحات مثلهم؟ ..
قد تظن أن الناجحين لديهم مخزون لا ينضب من الشغف، وأن شعلة حماسهم لا تخبو، غير أن ما يميز الناجحين لا هذا ولا ذاك.
يمر الأشخاص الناجحون بمشاعر الاحباط وفقدان التركيز ونقصان التحفيز ومحطات من الفشل والاخفاق، شأنهم شأن جميع الأشخاص، غير أنهم يجدون طريقة لمواصلة أعمالهم رغم الملل.
اتقان العمل وتحقيق النجاح يتطلب تدريب مستمر، والتدريب المستمر في عمل نفس الشيء يحوله إلى روتيناً مملاً، فيبدأ الاهتمام به يخبو ويزداد توقعنا للنتائج ويقل شغفنا به وننصرف عنه بالتدريج، ولكن تبقى فئة قليلة تتشبث وتأبى أن تفعل كما يفعل الناس العاديين رغم الملل والاحباط، هؤلاء هم الناجحون.
إن التهديد الأكبر للنجاح ليس الفشل، وإنما الملل. إن مغالبة النفس حين نشعر بمشاعر الملل والإحباط واليأس والاستنزاف هو ما يحدث الفارق بين الشخص المحترف والهاوي، المحترفون يتمسكون بروتينهم اليومي مهما كانت ظروفهم، بينما يسمح الهواة لتقلبات الحياة أن تمنعهم من الاستمرار.
لا تمارس الرياضة في الأوقات المواتية وحسب، لا تمارس الكتابة في الأوقات المواتية وحسب، لا تمارس أي عادة جيدة في الأوقات المواتية وحسب، عليك أن تكون مستعداً لممارسة عاداتك الجيدة تحت أي ظرف، لا تتخلى لأي سبب عن ممارسة العادات الحسنة العادات الذرية.
العادات الذرية: الجانب السلبي لبناء عادات جيدة
على غرار الطالب المجتهد والطالب الذي يأبى إلا أن يكون متفوقاً، ينقسم أصحاب العادات الذرية إلى فريق يكتفي بممارسة وتنمية العادات الذرية الصالحة والحسنة -وهذا أفلح إن صدق-، وفريق يتطلع لما بعد التمكن منها، يتطلع أن يصل إلى حد الاتقان.
يتحقق الاتقان عندما يتجنب الشخص المتقن الجانب السلبي لبناء العادات الجيدة، مهلاً: وهل هناك جانب سلبي لبناء العادات الجيدة؟! .. بالتأكيد ما من عادة تتبناها وتمارسها لفترات طويلة حتى تسقط في هوة التكرار اللاواعي (راجع الجزء الأول من تلخيص كتاب العادات الذرية) وتصبح أقل انتباهاً للتغذية الراجعة feedback، وأكثر سماحاً لتمرير الأخطاء، بمعنى آخر أنك تعتاد على القيام بها وتتوقف عن الإنتباه للأخطاء البسيطة لأنك صرت تألفها.
كل عادة تفتح بعد فترة مستوى جديداً من الاداء وتكشف لك الستار عن مرحلة متقدمة في رحلة النجاح، وعليك أن تطور من قدراتك وتتوغل داخل العمق لتحقق الاتقان وتكتسب الخبرة أكثر من أي هاويٍ.
اتقان المهارة من خلال تطوير العادة |
الخاتمة
حتى الذكريات تحتاج إلى مزيد ومزيد من التكرار لتصير ذكريات، من الصعب علينا أن نتوق إلى ذكرى مع شخص قابلناه مرة واحدة في العمر، أو نتذكر شارع مررنا به مرة واحدة في العمر، كذلك العادة لا تصبح ذات نفع أو تأثير إذا مارسناها مرة واحدة، بل لن يمكن أن نطلق عليها اسم عادة من الأساس.
إن المقصد النهائي لاتباع وبناء العادات ليس هو التحسين بمقدار 1 % ، وإنما الآلاف من هذه التحسينات، إنها مجموعة من العادات الذرية التي تتراكم بشكل تدريجي حتى يبدأ الميزان في التحرك وتبدأ الكفة بالميل ناحية ما تتبناه وتعيده وتكرره مراراً مراراً.
عندما سوئل أحد الصالحين: يا مولانا، إن داخلي ذئبان يتصارعان أحدهما يمثل الخير والآخر يمثل الشر، فأي الذئبين سينتصر؟ فأجاب: الذئب الذي تغذيه.
جميعنا داخله هذان الذئبان، ذئب يمثل الضمير الحي والفطرة السليمة والنهج القويم، والآخر يمثل شهوات النفس ومسالك الشيطان، فلننظر أي الذئبين نغذيه ونربيه أكثر من غريمه، ولا شك أن طبيعتنا البشرية تنازعنا وأهواءنا تغالبنا، ولكن أن نسارع بالحسنة بعد السيئة فهذا هو العلاج الذي يجب أن يسير عليه نهجنا والعادات التي يجب أن نتمسك بها ونداوم على فعلها.
من هنا تأتي قوة العادات فليس النجاح هدفاً نصل إليه أو خط نهاية نجتازه، وليس الغاية من الطريق إلى النجاح سوى الطريق نفسه، وأنت حين تبني عاداتك الجيدة فأنت على الطريق، وكما قلنا فإن الثبات على الطريق وصول.
والسر وراء الحصول على ما تريد هو عدم التوقف عن اجراء التحسينات وممارسة العادات والسعي المستمر، ساعتها ستندهش مما يمكنك بناءه إذا لم تتوقف وحسب، ستندهش من جسدك الرياضي إذا لم تتوقف عن التمارين وحسب، ستندهش من الثروة التي ستجنيها إذا لم تتوقف عن الادخار وحسب، ستندهش من العمل الذي يمكن إنجازه إذا لم تتوقف عن العمل وحسب. هذه هي قوة العادات الذرية، تغييرات بسيطة ونتائج مدهشة
شارك السلسلة مع أصدقائك ولك الشكر
شكراً لكم ولمؤلف كتاب العادات الذرية
شكراً على التلخيص الأكثر من رائع ، سأعود لهذا الملخص كل فترة دعواتك لي بالاستمرارية والهداية.
ردحذفاللهم اصلح حالي وحال جميع المسلمين والمسلمات .. اهلا بك وشرفت بكلماتك التشجيعية الطيبة
حذف