كيف تُجبر الناس على احترامك؟
* أحد أعظم أسرار الثقة بالنفس *
في الحقيقة كثيراً ما كنت أنظر مشدوهاً لأولئك الرجال أصحاب الكاريزما -الحقيقية- الطاغية، واتعجب من فرط ثقتهم بأنفسهم وكأنهم خلقوا بها.
يتحدثون بثقة، يمشون بثقة، يجلسون بثقة، وكأنهم يمتلكون مفاتيح اسرار الثقة بالنفس بشكل يهيمن على الحضور بل ويصيبهم بعدوى الثقة بالنفس. وأنا أتساءل: ما السر؟! ما هي العادة التي يمارسها أصحاب الثقة الطاغية بالنفس ليبدون هكذا؟!
ليأتيني الجواب فجأة بعد ساعة تضرع إلى الله ،،
احترام النفس أحد اسرار الثقة بالنفس
قرأت صغيراً مقولة للكاتب الكبير عباس محمود العقاد، لم أعي فحواها كاملاً إلا اليوم، كتب يقول: "إن إحترامي لنفسي مقدم عندي على احترام الآخرين لي".
وإنك إذا جمعت بين هذه المقولة، وبين ما يبرزه متخصصي تطوير الذات وأصحاب تنمية المهارات الذاتية والمتحدثين عن الـ Soft Skills والـ Communication Skills عن مدى أهمية دور "الصورة الذاتية" عن نفسك، في تحديد شكل العلاقات وتحقيق الأهداف الشخصية والاتزان النفسي وغيرها، لأحسست مدى عمق وتأثير هذا السر من اسرار الثقة بالنفس.
كيف تُجبر الآخرين على احترامك؟
أخبرتك في العنوان أن احترام الآخرين لك هو من اسرار الثقة بالنفس، ومن هنا سألتك: كيف تجبر الآخرين على احترامك؟! ثم حدثتك عن احترام النفس، فهل ثمة فصل بين موضوعي احترام الشخص لنفسه وبين احترام الآخرين له؟!
أنت دليل الناس للوصول إليك، وما تقدمه لنفسك سيقدمه الآخرون لك، ولن تستطيع أن تنال احترام الآخرين لك مادمت أنك لا تحقق احترامك لنفسك وتقديرك لذاتك بالشكل الذي يجب أن يكون، فإذا رأيتك متهاون في حق نفسك ولا تكرمها، أو لمحت في ضعفاً وانزواءً في مواجهة الناس، فما الذي سيدفعني أن أكرمك أو أنزلك منزلاً غير الذي أنزلته نفسك؟!.
احترامك لنفسك لا يعدو كونه سلوك شخصي قاصر عليك، احترامك لنفسك اذا حققته كما يجب أن يكون سيصل بك إلى تحقيق ثقتك المتناهية بنفسك لأنه سيجبر المحيطين بك على احترامك وتوقيرك.
احترامك لنفسك يضفي عليك هالة من الرزانة والاتزان تتسع ليصل تأثيرها على سلوك الآخرين معك وشعورهم تجاهك، أياً كان هؤلاء الآخرين وأياً كان الميدان الذي تتواجد فيه.
هالة تجبر المحيطين بك على احترامك وتقفي أثرك، وحالة تعيش بها في اتزان نفسي ورضاً داخلي عميق.
ولذلك فإن طريقة تعاملك مع نفسك هو البوابة الإجبارية التي يدلف منها الآخرين إليك، إن احترام فاحترام وإن غير ذلك فلا تلومن إلا نفسك.
وهنا تحضرني مقولة قرأتها منذ زمن: لا يمكن لأحد أن يهينك إلا بمعاونتك.
وبعد أن تحقق لك أن احترام الناس لك مرهون بتحقيق احترامك لنفسك فمن الضروري هنا أن أسألك هذا السؤال:
كيف تُحقق احترامك لنفسك كما يجب أن يكون؟
لا يوجد -في اعتقادي- شخص غير متزن نفسياً يعرف كيف يحترم نفسه كما يجب، هذه حقيقة -من وجهة نظري- تبدو صادمة إلى حد كبير لأنها تضعنا جميعا ولو بنسب متفاوتة تحت مسائلة أنفسنا: لما لم نحقق لها الغاية التي لأجلها خلقنا - إلا من رحم ربي - ؟!
لن يتحقق لك كامل احترامك لنفسك مادام باطنك ليس كظاهرك، وهذه هي القاعدة الرئيسية.
حتى وإن بدا لك غير ذلك، فما من انسان يختلف باطنه عن ظاهره إلا ويعاني تمزقاً داخلياً واضطراباً يؤرق اواصله. بنفس قدر هذا الإختلاف بين ظاهره وباطنه، وبالتالي ستجده ليس راضياً عن نفسه.
ولأن لكل حالة درجات من النقص والزيادة فإن ترموميتر الاتزان النفسي هو مدى تحقيق احترامك لنفسك الذي يتولد عنه مدى رضاك عن نفسك ومدى تقبلك لصورتك الذاتية.
لاحظ هذه الحالات التي بها يقوى (وبعكسها ينحسر) احساسك بالثقة وتفعم بنعيم لذة احترام الذات:
- أن تقف موقف رجولي لحماية شخص ضعيف من الظلم.
- أن تعين عجوزاً ليتكيء على ذراعك بعد أن رق عظمه.
- أن تنفق صدقة في اهلها ليس لغرض سوى أن تكون لك ثقلاً في ميزانك يوم الميزان الحق.
- أن تغض الطرف عن محارم جارك خشية الفتنة.
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي ** حتى يواري جارتي مأواهاإني إمرؤ سمح الخليقة ماجدٌ ** لا أتبع النفس اللجوج هواها
قوة احترام النفس
احترام النفس أحد أكبر مولدات الثققة بالنفس، لأن احترام النفس ينبع من تقديرك لها، وكونك قدرت نفسك التي كرمها الله حق قدرها، فلن تقبل بأن يتجاوز شخص ما معك، ودون مبالغة قد أصل لأبعد من هذا لأقول أن احترام النفس فرع من التقوى.
فلن تجد نفسك في موضع يخالف الفطرة السليمة ويخالف شرع الله، وتجده يشعرك بالطمأنينة والسكينة وهدوء النفس، وبالتالي يتولد احساس داخلي لديك بأنك ترتكب شيء مخالف لفطرة نفسك مغاير لصوتك اللحوح المؤرق داخلك.
مِن هنا نخلُص إلى
ليس فوق ما تقدم اضافة، ولكن وقفة بينك وبين نفسك أحتسبها عند الله حسنة جارية لكل من نلتُ شرف قراءته لهذا المقال الذي كتبته بحب وصدق، إن غاية الإنسان من دنياه حسن سيرته بين الناس، ورضا رب الناس عليه.
وليس ثمة أن تعيش محترماً بين الناس، سوى أن تعيش محترماً بين جنبيك وأمام نفسك وفي عينيك.
ولعل حديث قد ألم بضرورة احترامها في السر والعلن ما أشار له رسول الله في مجمل أحاديثه: فعن النواس بن سمعان قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم؟ . فقال: البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس.
تعليقات
إرسال تعليق